Saturday 20 September 2008

سلام لأبي


رائحة البرتقال وكلمات أبي الرنانة عن حبه لمزرعته المليئة بشجر البرتقال,

حلم أبي وأمانيه التي رافقته منذ نعومة أظفاري أنا ورغبته الشديدة بأن يرعى تلك البرتقالات, يحرسها ويكبرها الى أن تملىء عليه دنيته فيعود اليها عندما يتقاعد ويلازمها يوما بيوم ساعة بساعة لتصبح هي عالمه.

تلك الأشياء كلها جعلت من شجرة البرتقال جزءا من عالمي الداخلي أستنشق رائحة زهورها الخلابة وأرى لونها الصارخ في كل مكان, أصبحت رمزا لوجودي ولوجود أبي بجانبي رغم كل المسافات التي تفصلنا,رغم كل البلدان التي تخط حدودها الوهمية بيننا ورغم كل الساعات التي تمر علينا لتعلن مرور المزيد من الوقت ونحن بعيدون عن بعضنا الاخر..لكننا ككل سائر البشر نحاول أن نعيش حياتنا الجديدة ونتأقلم مع كل الظروف المحيطة بنا, نحاول أن نطوع هذه الظروف لمصلحتنا ونروضها لتخدمنا. ( تماما كشجرة البرتقال التي وضعت في الصالة. مكانها الطبيعي هو الأرض, الحديقة,.. مكانها هو خارج الحدود المغلقة وخارج حيطان تلك الصالة التي تكاد تخنقها, لكنها بالرغم من كل ذلك شقت طريقا جديدا للحياة, بل على العكس تماما فبعد المعاناة لفترة قصيرة, استطاعت تلك الشجرة الصغيرة أن تزهر وأن تنتج الكثير من الثمار. أغصانها أفرعت من جديد واكتسبت لونا أخضر براقا تحدى كل الظروف المحيطة)


الشجرة تعبر عن شيء مادي ملموس لكنها بنفس الوقت أصبحت موضوعا يطرح نفسه في العمل, موضوعا يحمل رموزا وأبعادا تضيف الى الرموز الأخرى الموجودة في العمل لونا من طعم خاص حيث يراها المشاهد بارزة في كل ركن من أركان العمل سواء كعنصر ملموس يستطيع أن يقترب منه, يشمه,يلمسه و يتفاعل معه أو كعنصر مرئي موجود في باقي أجزاء العمل التركيبي حيث يشكل مع باقي العناصر البصرية الأخرى وحدة متكاملة. تلك العناصر التي هي عبارة عن مجموعة متراكبة ومزيج صور لعدة أماكن هي المكان الذي عشت فيه, المكان الذي أعيش فيه الان وللمكان الذي سأعيش فيه بالمستقبل,ما أعنيه هنا هو أن البشر دائما في حالة مستمرة من التنقل والترحال, المكان بتجرد هو مكان لكن ما يربطنا به هو ذكرياتنا وكيفية وجودنا لهذا يصبح للمكان معنى. البشر هم بشر مهما اختلفوا في ثقافاتهم, دياناتهم, مكان تواجدهم وحياتهم, كلنا نبقى بشر نحمل بين طياتنا نفس المشاعر والأحاسيس فكلنا نبكي, نفرح, نغضب, نهدأ, نجوع, نعطش, كلنا بشر مهما تعددت أماكننا وأينما كنا. كل ماعلينا فعله هو أن نجد طريقة للتواصل مع بعضنا الاخر حتى ولو لم نفهم بعضنا الاخر لكن يكفي أن نتواصل. من هنا جائتني فكرة أن أختار عنوانا عربيا للعمل بغض النظر عن معنى العنوان نفسه ومايعكسه من انطباعات عن العمل نفسه. أنا أعيش في مجتمع يتكلم أهله اللغة الانكليزية ومعظم زوار المعرض لن يستطيعون قراءة سوى اللغة الانكليزية لكن عندما تمت طباعة العنوان العربي بحروف لاتينية مع حفظ الرتم العربي, الزائر كان يقرأ الحروف الانكليزية لكننا كنا نسمعه يقرأ العربية


كان هناك تفاعل بطريقة غير مباشرة عبر لغتين واحدة من الشرق والأخرى من الغرب. تفاعل بين ثقافتين وحوار من نوع خاص بينهما لأن الزائر كان يدرك مباشرة أنه يقرأ فقط حروف انكليزية لكن ليس لها معنى بلغته وهذا يقوده للتفكير بأنه يقرأ شيئا من المؤكد أن له معنى لربما بلغة مختلفة, قد تكون اللغة المرسومة تحت الحروف اللاتينية, هذا وبغض النظر ان كان يميز الأحرف العربية أم لا لكن وجودها يعطيه انطباعا بأنها لغة مختلفة من مكان اخر في هذا العالم.

وجود الماء في العمل كعنصر بصري, كناية أخرى عن تواصل العالم ككل. الماء هو الذي يوحد القارات ببعضها البعض ويجعلها تبدو كعنصر واحد هو الكرة الأرضية التي يعيش عليها كل البشر.مهما حاول الناس وضع حدود سياسية للماء فان من المستحيل أن تكون ثابتة لأنه من المستحيل السيطرة عليه. الماء يوحدنا سواء شئنا أم أبينا!

الماء ربما يوحد العالم ككل لكن نحن كعرب أستطيع القول بأن فيروز توحدنا. موسيقى فيروز وصوتها العذب ينسينا جنسيتنا وينسينا من نحن ويذيب كل الحدود بين معظم البلدان العربية لأن معظم العرب يستمعون الى فيروز بكل أنحاء المنطقة. لقد اخترت صوت فيروز ليغني في الصالة أثناء العرض فأبدع وأطفى احساسا جديدا للعمل ولزواره الذين كانوا يستمتعون بسماع الموسيقى وكل يسأل عنها. صوت فيروز كان لغة جديدة للحوار في ذلك العمل. ليس فقط بين العرب أنفسهم بل بين الشرق والغرب من جديد. بين ثقافتين لطالما تأثرتا وأثرتا ببعضهما الاخر عبر العصور

1 comment:

Jinson said...

Hi,
Havadi
The orange along with the sap green leaves is a pretty visual thanks to comment on my work